جئت لأكتب فيما يتعلق بذكرى الهجرة النبوية المشرفة ومراجعة كشف الحساب الخاص بعام مضى نسأل الله أن يغفر لنا فيه ما وقع منا من خطأ أو نسيان أو ذنب نتيجة لضعفنا كبشر. ومع بداية عام جديد كله أمل وتفاؤل وحسن ظن بالله أن يوفقنا فيه لكل خير وأن ييسر لنا فيه كل عسير, وأن يحقق فيه كل أمانينا. ولكن الظروف والأحداث على الساحة الفلسطينية وتحديدا في غزة هاشم, قد فرضت نفسها على قلمي وأجبرته على تغيير مساره لأجد نفسي أكتب عن أحد الرجال القلائل ألا وهو الشهيد البطل أحمد سعيد خليل الجعبري (أبومحمد).
وُلد الشهيد الجعبري عام 1960 وتعود جذور عائلته إلى الخليل جنوب الضفة الغربية حيث انتقلت إلى قطاع غزة، وسكنت حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وسرعان ما تعرض للاعتقال بعد عام من احتلال عام 1967 بتهمة المشاركة في خلية مسلحة تابعة لحركة فتح ومقاومة الاحتلال. وبعد سنوات من الاعتقال تحول الجعبري برفقة عدد من رفاقه إلى الاتجاه الإسلامي داخل السجون، وسرعان ما أصبح أحد قادة "حماس" في السجون .
وقد عمل الجعبري برفقة عدد من قادة حركة المقاومة الذين تواجدوا في السجون ومن بينهم إبراهيم المقادمة الذي اغتيل في 2003 على تجهيز عناصر "حماس" للانضمام إلى الأجهزة المختلفة للحركة بعد خروجهم، لاسيما جهازها العسكري "كتائب عز الدين القسام" وذلك من خلال دورات أمنية وعسكرية ودينية مكثفة تؤهل الشبان للانخراط في العمل التنظيمي فور خروجهم من سجون الاحتلال الصهيوني.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 خرج الجعبري من السجن وكان ثالث شخص في المجلس العسكري لكتائب القسام، قبل أن يصبح الرجل الثاني رسمياً، والقائد الفعلي فيها بعد اغتيال الصهاينة لقائدها العام صلاح شحادة وإصابة القائد الذي خلفه محمد الضيف الذي نجا من الاغيال. كما تعرض الجعبري للاغتيال مرات عديدة، أبرزها في السابع من أغسطس 2004 حينما قصفت طائرة تابعة لجيش الاحتلال منزل عائلته في حي الشجاعية شرق غزة واستشهد في الحادث نجله محمد وشقيقه فتحي وصهره وعدد من أقاربه ومرافقه، وأصيب هو بجروح طفيفة.
ويأتي اغتيال الجعبري بمثابة تصفية حساب لعملية أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، فهو الذي مرغ رأس وأنف جيش الاحتلال في التراب من خلال النجاح في الحفاظ عليه على مدى خمس سنوات وإدارة ملف التفاوض بشأنه حتى تنفيذ صفقة تبادل أُفرج بموجبها عن ألف أسير فلسطيني بينهم 450 من كبار الأسرى الذين كان من الصعب الإفراج عنهم في السابق. كما أنه ساهم في تحويل حماس من مجموعات جهادية مسلحة إلى ما يشبه الجيش النظامي. وهو الأب الروحي للقوات المسلحة الحمساوية.
وكان الشهيد الجعبري قد سلم الراية لأنه يعلم أنه مستهدف حيث كان عائدا من الأراضي الحجازية عقب أداء فريضة الحج. وقد سأل الله الشهادة بصدق فنالها بشرف وعزة في ليلة مباركة وهي ليلة الهجرة. فلقد هجر دنيانا بكل ما فيها من مشكلات ومتاعب لينتقل إلى البيت الذي أعده له رب العزة جل في علاه والذي دفع ثمنه نسفه ودمه. فهو الأن حي يرزق مع الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه كأمثال الشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي وسعيد صيام, وغيرهم من الشهداء السابقين.
وما أشبه الليلة بالبارحة فالأحدث الحالية في قطاع غزة تعود بنا إلى عام 2008 حين أعلنت وزيرة خارجية الكيان الصهيوني, أنذاك, تسيبي ليفني الحرب على غزة من قلب عاصمة المعز وتحديدا من مقر وزارة الخارجية. ولا يمكن أن ننسى أبرز مشهد مستفز في تلك المسرحية الهزلية حين كادت تلك الشمطاء أن تسقط على الأرض ولكن سرعان ما مد السيد أبوالغيط وزير الخارجية, وقتها, يده ليحميها من السقوط في مشهد أثار استياء أغلب من شاهدوه حتى زوجته.
إن الوضع اليوم قد تغير عقب الثورة المجيدة. فلم تعد مصر تخضع لإملاءات أحد. والحمد لله على ما اتخذته مؤسسة الرئاسة من قرارات أثلجت صدور الجميع وبخاصة قرار سحب السفير المصرى لدى الكيان الصهيوني.
ونحن نستقبل عاما هجريا جديدا نتمنى من الله عزوجل أن يحفظ أهلنا في غزة وفي سوريا وفي وفي بورما وفي كل مكان من كل مكروه وسوء وأن ينصرهم على عدوهم ويحقن دماءهم.
[center]